بين الكمبيوتر والإنترنت كيف يمكن تعزيز تراث الشعوب؟

مرت فكرة الحوار والتقارب بين بلدان البحر الأبيض المتوسط بمخاضات عسيرة وطويلة، رغم الأرث الحضاري الغني الذي يطبع عادات وتقاليد شعوبها ببعض التجانس كمنطقة نشوء الحضارات القديمة، وتُعلق أسباب العقبات أمام تنشيط قنوات الاتصال بين شمال أوروبي غني ومتطور، وجنوب فقير نامي، على شمّاعة الإرث الاستعماري الثقيل. وكان من أهم المبادرات، العملية برشلونة أو الشراكة الأورومتوسطية      Euromed ، التي اقترحت سياسات تعزيز الإستقرار والأمن، والديموقراطية، وحقوق الانسان، والتبادل التجاري. ووضعت الأسس للاتحاد من أجل المتوسط وبناء مؤسساته. لكن دون نتائج عملية. إلا أن إرادة المبادرات لم تتوقف، وكان من أهمها مشروع دولي لنقل العيش المعزّز تقنيّاً إلى تراث شعوب المتوسط، باسم 
 International Augmented Med ويعرف إختصاراً بـ IAM.


مشروع IAM هو محاولة جديدة للتواصل، تمر عبر قناة الثورة المعلوماتية العالمية، التي نجحت في جذب الجميع إلى دائرتها. يقوم المشروع على تعاون دولي لثلاث سنوات، ابتداءً من ٢٠١٢، بين ١٤ شريكاً من ٧ دول متوسطية. يتبادل الشركاء خلالها الخبرات والتعاون التقني ويطورون نشاطات مشتركة لتقديم خدمات مبتكرة، بحيث يثمر المشروع نمواً اقتصادياً للمنطقة. يتألّف الواقع المعزّز بالتقنيّة من مزيج يجمع عناصر إفتراضية ورقمية مع الواقع الفعلي، بحيث يؤدي التفاعل المستمر لتقنيات الوسائط المتعددة مع العالم الواقعي إلى تحسينه وإثرائه، من خلال تطبيقات تعليمية وإعلامية سمعية-بصرية ثلاثيّة الأبعاد. كما يشمل عدداً من المشاريع التجريبية، تقدّم تراثاً متوسطيّاً عبر تقنيّات الكومبيوتر والمشهديات ثلاثيّة الأبعاد. منها في إيطاليا، التراث الثقافي والجغرافي والبيئي لمنطقةPalmavera الأثرية ومتنزه Porto Conte، ومحمية Capo Caccia البحرية، والمركز التاريخي لمدينة Alghero (كلها في جزيرة سردينيا). وفي إسبانيا، الموقع اليوناني الروماني في مدينة Empúries (كاتالونيا). وفي مصر، تاريخ الإسكندرية مند عهد الإسكندر الأكبر ومكتبتها الشهيرة المرممة حديثاً. ومن الأردن، مبنى "دار السرايا" التاريخي. ومن لبنان، مدينة جبيل القديمة (بيبلوس). ومن تونس، مشروع متحف إفتراضي، يستعرض معالم منطقة "الرأس الطيب" وعرض طرق زراعة الموالح.



كما سيؤسس المشروع نظام للتعاون بين خبراء الترويج السياحي، وصناعة مواد متعددة الوسائط، بهدف تعزيز الإقبال على مواقع التراث الثقافي والطبيعي، عبر تقنيات المحاكاة الإفتراضية بالكومبيوتر، وصناعة عروض فيديو رقميّة ثلاثيّة الأبعاد عن مواقع التراث الثقافي والآثار والمباني التاريخية. تتم المشاريع بمساعدة "برنامج التعاون عبر الحدود في البحر الأبيض المتوسط"  الممول من دول أوروبية، لجهة تعزيز التعاون المستدام في المتوسط، من خلال دعم إمكاناته الذاتية في مواجهة التحديات المشتركة، والقيام بمبادرات تنموية مختلفة. البرنامج سيموّل ٩٠٪ من موازنة المشروع والبالغة ٣ مليون يورو، بينما يتكفل الشركاء بالباقي. بالتأكيد التحول نحو التراث الإفتراضي نابع من القدرات التي تتمتع بها الشبكة العنكبوتية والإنتشار الكبير لأجهزة الإتصال الذكية من هواتف وحواسب لوحية وشخصية.  تلك الأجهزة التي أصبحت منتشرة بين جميع فئات المجتمع سواءً المستعملة أم الجديدة. من ناحية أخرى جوجل كان قد أطلق أيضاً مبادرة متاحف ومعارض على الإنترنت.

الكاتبة : س . السعداوي





شاركه على جوجل بلس
    تعليقات فيس بوك