لقد عرف الويب العربي تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة من دعم للغة العربية وتعزيز لوجودها عن طريق نشئة مواقع عربية بديلة للمواقع الغربية بتصميم جذاب وخدمات في المستوى تواكب التقدم التقني. ذلك رغم قلة الدعم المادي من طرف الجهات الرسمية والمستثمرين العرب، وكذا المعنوي من طرف المستخدم العربي نفسه الذي لم يستطع التخلص من نظرته الدونية للجهود التي تبدل من طرف الفاعلين العرب من أجل إنعاش الويب العربي. ولقد دخلت شركات كبيرة الخط بدعمها للغة العربية في خدماتها ونذكر من بين هذه الشركات شركة جوجل العملاقة والفايسبوك. ويأتي ذلك كنتيجة لارتفاع عدد مستخدمي اللغة العربية على الشبكة.
لكن ما يثير القلق هو محاولة إجهاض هذه العملية من طرف المستخدمين العرب أنفسهم، فما قيمة تعريب خدمة ما إذا كان المستخدم العربي يصر على استخدامها باللغة الانجليزية أو الفرنسية. الأمر الذي تسبب في عزوف الكثير من المواقع عن دعم اللغة العربية، بل وإلى استخدام الرواد الأعمال العرب لغات الأجنبية في مشاريعهم الناشئة على الشبكة لاستهداف المستخدم العربي والغربي معا، مما يعرقل تطور الويب العربي.
كمستخدمين للشبكة علينا استخدام اللغة العربية بدل اللغات الأجنبية الأخرى، وهذا ليس من قبيل التقليل شئنها، لكن وعيا منا بأنه من واجبنا نشر لغتنا وثقافتنا كما يفعل الآخرون. وكما أنه للمواقع الغربية من يدعمها فعلينا نحن أن ندعم خاصتنا. فإذا نظرنا في قصص نشوء عمالقة الشركات التي تهيمن على الويب اليوم سنجد أن منها من بدأ من دون أي دعم مالي مهم، لكن أهم ما جعلها تتطور هو التفاف الناس حولها. وهناك العديد من النماذج لشركات بدأت بمكتب ضيق لتتحول إلى شركات عملاقة.
ويبقى السؤال هل هناك مواقع عربية تقدم خدمات على مستوى عال ولا ينقصها سوى دعمنا ؟ والجواب : نعم، هناك العشرات من الشبكات الاجتماعية العربية ومحركات البحث العربية ومواقع مشاركة الفيديوهات عربية وعلى سبيل المثال : موقع "بنادي" الذي كان ليكون منافسا لفايسبوك وموقع "مكتوب" كبديل لياهو ومجموعة من محركات البحث العربية كمحرك البحث "أين" الذي مر بسكتة قلبية، وموقع مشاركة الفيديوهات "مشاهد" ذو التوجه الإسلامي والكثير الكثير. لكنها جميعا لم تلق النجاح، وفاتها ركب التطور التقني لضعف روادها.
إن أهم سبب لتدهور محتوى الويب العربي - وأعني بذلك مجموع المعلومات التي تتوفر به - وفقره هو عقلية المستخدم العربي المتحجرة، واستخدامه الشنيع للتقنية بصفة عامة،. العفو إن كنت قاصيا، لكن يمكن القول أنه في غالب الأحيان عنصر لا يبحث عن تثقيف نفسه أو البحث عن مصادر للمعرفة بل كل ما يجول في ذهنه هو تمضية الوقت في الترهات إنها الحقيقة والواقع المر.
فئة قليلة من المستخدمين العرب تلك التي تجيد التعامل مع الأنترنت فتستغلها في التعلم والأهم من ذلك مشاركة الخبرات وبالتالي تدعيم محتوى الويب العربي. وهنا وجب عليها النهوض بالويب العربي والتوعية طرق الاستخدام الحضارية للانترنت بدل أن تنساق نحو التبني المطلق للغة ثانية توفر المعارف، بل أن تجعل منها انفتاحا وأن تثري الويب العربي عبر :
استعمال اللغة العربية ودعمها ونقل المعارف لها.
دعم المواقع العربية ذات المستوى بمشاركتها ونشرها.
تبني توجه تثقيف النفس والمساعدة على توفير المعلومة بالعربية عبر نشر الخبرات الخاصة أو ترجمة خبرات الآجانب للغة العربية (دعم ويكيبيديا العربية مثلا).
تجنب نزع الحقوق الفكرية للأفراد، والنشاط أكثر في عالم التدوين.
تعليقات فيس بوك